مجلة دراسات موصلیة

الملخص

تعد اللهجة العربیة المحکیة فی مدینة ماردین والقرى والبلدات المحیطة بها نموذجا ملفتا للنظر من جمیع النواحی. حیث یبدو أنها انقطعت عن اللهجات العربیة الأخرى بسبب وعورة الموقع الجغرافی الذی یبدو أنه قد أدى إلى عدم احتکاک هذه اللهجة باللهجات العربیة الأخرى وخاصة اللهجات البدویة، کما تقع تقریبا فی أقصى الشمال لدائرة انتشار اللغة العربیة من ناحیة وتجاور لغات أخرى کالسریانیة والکردیة والترکیة من ناحیة ثانیة. وظلت تحت سیطرة اللغة الترکیة الرسمیة وبوتیرة متزایدة منذ بدایات القرن العشرین وحتى یومنا هذا ولم یکن هناک أی احتکاک یذکر بینها وبین اللغة العربیة الفصیحة فی زمن تزاید فیه تأثیر وسائل الإعلام والمدارس. 
وأما من ناحیة البنیة اللغویة فتتمیز اللهجة العربیة المحکیة فی ماردین بالکثیر من میزاتها الصوتیة والصرفیة کاحتفاظها بالثاء والذال والظاء والقاف رغم تعاملها مع أصوات غریبة على النظام الصوتی للغة العربیة مثل o - ı - p - g)) وکذلک احتفاظها بالأفعال الخمسة مع غیاب المثنى حیث یقول أصحاب اللهجة "تاکْلِین" للمخاطبة و"تاکْلُون" و"یاکْلُون" للغائبین. کما یحتفظون بالضمیر المتصل للمتکلم فی الفعل الماضی کما هو فیقولون "أکَلْتُ" والضمیر المتصل للمخاطبة کقولهم "أحِبْکِی"...
تشترک اللهجة المحکیة فی ماردین مع اللهجات العربیة الأخرى عامة ومع الفروع الأخرى للهجة الجزیرة الفراتیة خاصة. إلا أنه یمکن اعتبار عوامل عدم استخدام فعل "شاف" وعدم إضافة سابقة "ب" أو "عم" أمام الفعل المضارع فی هذه اللهجة من العوامل التی قد تمیزها عن بقیة اللهجات العربیة. وسنحاول من خلال هذا البحث رصد واقع اللهجة العربیة المحکیة فی المنطقة من النواحی المذکورة.